اعترافات لواء شرطة سابق على الهواء | "تصفية" دون محاكمة لتطبيق "كلام ربنا" والاشتراك في التشريح وابتزاز الأهالي للصلح

📌 خلال الأشهر الأخيرة، ظهر اللواء شرطة متقاعد خالد الشاذلي، مدير إدارة البحث الجنائي الأسبق في سوهاج وعضو لجنة المصالحات بالأزهر، ضيفًا متكرّرًا على قنوات يوتيوب، كاشفًا عن ممارسات عديدة مخالفة للقانون اتّبعها خلال مسيرته الشرطية. 

◾ تفاخر اللواء السابق، في حوارين بُثّا في يوليو 2024 ومايو 2025، بقيامه بـ"تصفية" تجار المخدرات والمجرمين الخطرين "في حالات محددة" بدلًا من القبض عليهم لمحاكمتهم، بدعوى إن "ده كلام ربنا عَز وجل"، زاعمًا أن وزارة الداخلية بدأت تتبنى هذه الممارسات في الآونة الأخيرة. 

◾ وأقر "الشاذلي" بابتزاز عائلات في الصعيد بأساليب مختلفة لكي يقبلوا الصلح في الخصومات الثأرية، وبمشاركته في تشريح بعض الجثث لتعزيز الأدلة الجنائية التي جمعها.

◾ كان "الشاذلي" تقاعد في أغسطس 2019 بعد خدمة امتدّت 33 عامًا تنقّل خلالها بين مواقع شرطية قيادية بينها: رئيس مباحث مديرية أمن أسوان (2013-2014)، مدير إدارة البحث الجنائي بسوهاج (2015-2017)، ومساعد مدير أمن كفر الشيخ (2018-2019). عقب خروجه من الخدمة، انتقل إلى العمل العام، ويشغل حاليًّا منصب مساعد الأمين العام لحزب حماة وطن ورئيس لجنة المصالحات فيه، ويزاول مهنة المحاماة.

➖ في التقرير التالي، تتبع #متصدقش تصريحات "الشاذلي"، الذي عَبّر فيها عن منهجه في العمل الشُرطي، وكيف تخالف الدستور والقوانين: ⬇️⬇️

⭕ "تقطع طريق هقتلك.. واتعامل معاك وأصَفيك"

◾ في حلقة بودكاست "استجواب" المذاعة في 8 مايو الماضي، عَبر "الشاذلي" عن رؤيته لعمل المباحث، قائلًا إن لديها مهمتان؛ الدفاع، والهجوم. وأشار إلى تفضيله الأسلوب الأخير: "أنا عارف إن س مجرم، أبعت أجيبه.. أقوله متقعدش عندي، حرامي اجيبله شغلانة، تقطع طريق هقتلك، واتعامل معاك وأصَفيك".

◾ وسريعًا للتدليل على صحة موقفه، استخدم "الشاذلي" الآية القرآنية 33 من سورة المائدة، والتي تقول "إنما جزاء من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم"، معقبًا "ده كلام ربنا عَز وجل، هنا بقى ده العمل الهجومي".

◾ واستطرد اللواء السابق في الحديث كاشفًا عن استخدامه ذلك الأسلوب خلال عمله، قائلًا: "النهاردة في ذكرى على فيسبوك، تصفية فلان الفلاني، ده واحد الله يرحمه كان تاجر مخدرات وفتوة وبيقطع الطريق، وصَفيناه".

◾ ويضيف: "مَقدرش أسيبه عايش، ضرب نار على الظباط وكان بيقتل في الناس، أسيبه؟ ردع، يموت… اَوديه محكمة؟ مَوديهوش محكمة أنا، مَكذبش عليك أنا، واحد قتل ومش عايز يتوب، يبقى الحل إيه؟".

◾ وزعم "الشاذلي" أن وزارة الداخلية باتت تستخدم هذا الأسلوب خلال الأشهر الماضية، قائلًا: "وخد بالك أنا شايف اتجاه الداخلية في الشهرين التلاتة اللي فاتت كده".

◾ ما قاله اللواء المتقاعد لا يمكن اعتباره ذلة لسان أو هفوة، إذ سبق أن أكد عليه في يوليو 2024، خلال استضافته في بودكاست "أوراق القضية"، وسرد واقعة قام فيها بتصفية متهم خلال عمله بأسوان، قائلًا: "لما كنت في أسوان لقيت ولد عامل بانر تجارة مخدرات.. رحت بيته.. المهم الولد استمر.. نزلنا مأمورية نتعامل معاه، قُتل أخوه وأُصيب التاني".

◾ ويُضيف: "الولد جاتله حالة هيستيريا، راح لعربية شرطة أصاب ضابط بطلقة خرطوش.. أنا اتجننت بقى.. جبنا الولد وتتبعناه وتم تصفيته، ويوميها كان أهلية الولد عايزين يصلوا عليه ويدفنوه.. رفضت.. ضغطوا عليا صَليت عليه أنا والظباط.. قلت لوالده: ابنك كده يخش الجنة؛ إحنا (الشرطة) صَلينا عليه".

◾ ينطلق "الشاذلي" في فلسفته للعمل الشرطي من كونه قيادة مسؤول "قدام ربنا"، وسيحاسب  في حال تركه مجرم. "يا إما أحبسه يا أقتله.. طالما بلطجي وبيأذي الناس.. يا احبسه واصفيه، والتصفية أفضل طبقًا لكلام ربنا عز وجل".

◾ أكد المحامي مالك عدلي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ#متصدقش، أن ما يقوله "الشاذلي" في حال حدث بالفعل، يعتبر تعدي على القانون والدستور، إذ ينظم قانون هيئة الشرطة قواعد الاشتباك والحالات الذي يلجأ فيها ضابط الشرطة لإطلاق النار، مُضيفًا أن تصريحات "الشاذلي" يُسأل فيها قطاع التفتيش والرقابة التابع لوزارة الداخلية.

◾ وتنص المادة 102 من قانون هيئة الشرطة على أنه "لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبه إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب"، ويقصر استعمال السلاح عند القبض على محكوم عليه بجناية أو متهمًا بها، أو متهم بجنحة في حال قاوم أو حاول الهرب، وعند حراسة المسجونين، وفض التجمهر أو التظاهر في حال تعرض الأمن العام للخطر.

◾ وبحسب القانون، يراعى في جميع تلك الأحوال حسب القانون، أن يكون إطلاق النار، هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأغراض السابقة، ويبدأ ضابط الشرطة بالإنذار، قبل اللجوء إلى إطلاق النيران.

◾ وتنص المادة 96 من الدستور المصري، على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.. على أن توفر الدولة الحماية للمتهمين وفقًا للقانون.

◾ ويلزم دليل الأمم المتحدة لمنع القتل خارج إطار القانون، أن تتكفل الحكومات بفرض رقابة دقيقة، ذات تسلسل قيادي واضح، على جميع الموظفين المسؤولين عن القبض على الأشخاص وتوقيفهم واحتجازهم وحبسهم وسجنهم، وعلى الموظفين المخول لهم قانونا استعمال القوة والأسلحة النارية.

⭕ الضغط على الأهالي للقبول بالصلح

◾ اشتهر "الشاذلي" بنجاحه في الإصلاح بين العائلات بمحافظات الصعيد، واحتفت به الصحف المملوكة للدولة لقيامه بهذا الدور، لكن ما لم يكن معروفًا، حتى قاله اللواء بنفسه، هو استخدامه أدوات ضغط مختلفة على الأهالي للقبول بالصلح، بينها ما يمس ذويهم وأطفالهم ومنازلهم.

◾ يرى "الشاذلي" في تصريحاته في مايو الماضي، أن ضابط المباحث والقيادة الشرطية الناجحة، لديهم أدوات لإنهاء الخصومة، عن طريق ما أسماه "القتال الناعم"، ويستند في ذلك للآية القرآنية 9 من سورة الحجرات "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فأن بغت أحدهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله".

◾ فسر "الشاذلي" تلك الآية بأنها تُعطيه صلاحيات كـ"ولي أمر"، بالضغط على الطرف الرافض للصلح في الخصومات الثأرية، مستخدمًا عدد من الأدوات، مثل: تنفيذ قرارات الإزالة المعلقة على مباني العائلة، وسحب السلاح المرخص، بالإضافة إلى الإيعاز للمحافظ بنقل الموظفين الحكوميين التابعين للعائلة من المركز الذين يعملون به لأبعد مركز عن محل إقامتهم.

◾ وفي حال استنفاد أدوات الضغط، يلجأ "الشاذلي" إلى استخدام أطفال العائلة كورقة ضغط، عن طريق نقلهم من مدارسهم إلى أخرى بعيدة عن محل إقامتهم، معتبرًا أن تلك وسائل "ضغط ناعم.. واستراتيجية وفكر". 

◾ يقول "عدلي" إن اتخاذ بعض هذه الإجراءات يكون قانوني أحيانًا إذا صدر بقرار إداري للصالح العام ولحماية أطراف الخصومة، وليس الضغط على أي عائلة، فسحب السلاح المُرخص يكون لعدم استخدامه في الخصومة الثأرية، أما نقل الموظفين مثلًا يُستخدم لإبعاد طرفين متخاصمين عن بعض لتفادي اشتعال مشاجرة. ولا تشمل هذه الإجراءات أمور مثل إزالة المنازل. 

⭕ ضابط دائمًا.. ويُشرح أحيانًا

◾ في بودكاست "أوراق القضية"، أوضح "الشاذلي" أن بعد انتهائه من جمع الأدلة من مسرح الجريمة، والاستماع لأقوال المتهم، كان يشارك في تشريح بعض جثث الضحايا، للبحث عما يعزز الأدلة التي يجمعها ضد المتهم، لكي ينال عقوبة الإعدام عند محاكمته.

◾ يقول: "اروح طالع على الطب الشرعي أشَرح الجثة بإيدي"، وعندما تفاجئ مقدم البودكاست الصحفي هيثم برعي، وقال محاولًا تصحيح الجملة "تكون حاضر"، أكد الشاذلي: "بإيدي (أشَرح) وأشارك الطبيب الشرعي معايا".

◾ تلعثم المذيع وقاله له مترددًا "دي مش وظيفتك كظابط شرطة"، ليرد اللواء "وظيفتي الوصول للحق" ثم يستطرد في ذكر تفاصيل فنية تخص عملية التشريح: "اشترك وأبص بعيني وأدخل إيدي في عمق الجرح واصل لغاية فين مدبب ولا عريض… لما المتهم يعترفلي ويجيبلي السكين، أضاهي بين ده وده".

◾ ويؤكد "عدلي" أن حديث "الشاذلي" يعتبر حدث استثنائي لا يجوز قانونًا إلا في حالة الحصول على تصريح من النيابة العامة، لأن المفترض قانونًا طالما عُرضت القضية على النيابة لا يوجد أي تصرف في الجثة إلا بإذن منها، مُشيرًا إلى أن تصرف الضابط دون إذن في الجثة والاشتراك في التشريح، يمكن أن يستخدمه دفاع المتهم في إفساد القضية بسبب اشتراك غير ذي صفة في التشريح.

◾ ويُضيف أن التشريح علم، وحتى إدخال اليد في الجروح أو غيره هي طرق فنية يعرفها الطبيب الشرعي جيدًا، حتى لا يهدر دليلًا جنائيًا أثناء التشريح، موضحًا أن الضابط الجنائي خبير في السلاح وجمع الأدلة فقط.

◾ بحسب المادة 443 من تعليمات النيابة العامة، المسؤول عن تشريح الجثث في القضايا المختلفة، هو الطبيب الشرعي المختص، وفي حال تعذر ندبه، يقوم مفتش الصحة أو طبيب المستشفى بعمل ذلك.